كنا نتبادل الزيارات ونتقابل بالمناسبات ونتحدث حول قضايا مختلفة. وكانت الحياة الزوجية لهذه الزوجة مستقرة ولم يبدر منها أي شكوى أو تظهر عليها أضرار جسدية أو نفسية يمكن للآخرين ملاحظتها. تفاجأت باتصالها ذات يوم تسألني عن محامي يقف معها ضد زوجها الذي ضربها وجرح جهازها السمعي حتى كادت تفقد سمعها لولا التدخل الجراحي السريع. تساءلت: كيف لهذه الزوجة أن تخفي تعنيف زوجها لها طوال السنوات الماضية دون أن يشعر أحد بها؟ ولماذا أخفت الزوجة ضرب زوجها المبرح لها؟ وكيف استطاعت أن تتكيف مع زوجها رغم ضربه لها بشكل متكرر؟ وهل لجأت في السابق إلى من يعينها؟ وكيف كانت ردود أفعال أهلها؟ وأصبحت الأسئلة تتزاحم في ذهني دون أن أجد الإجابات المقنعة. بدأت بعدها رحلة هذا الكتاب الذي استغرق العام والنصف تقريبا بين البحث في الأدبيات وزيارة مراكز العنف في بعض الدول الأجنبية والتعرف على تجارب المراكز الإيوائية والتطبيق الميداني. وجاء هذا الكتاب ليصف المعوقات التي منعت هذه الزوجة وغيرها من الزوجات المعنفات من طلب المساعدة من الأهل والمهنيين. وتركز محتوى الكتاب على وضع الحلول المناسبة لتشجيع الزوجات على طلب المساعدة وتهيئة الظروف المجتمعية لهن لمساعدتهن على الحياة الكريمة والاستقلال الذاتي. ونأمل أن يكون هذا الكتاب مرجع للزوجات المعنفات والمهنيين لإعادة النظر في قضايا العنف الزواجي وتفعيل القوانين لحماية الأسرة.