تعد أزمة الهوية هي إشكالية الذات الأنثوية في الوطن العربي، وهي أيضاً ذات أزمة الذات العربية وهي تعاني عزلتها وانقطاعها الوجودي عن حضارة الأجداد، وإذا كانت حركة الروح هي الشعلة التي مضى بها المسلمون الأوائل نحو شمس الحضارة فإن هذه الروح ما لبثت أن سكنت مع تواتر القرون ومع تواتر ألوان الاستعمار. وبديلاً عن حركة هذه الروح حلت روح أخرى ساكنة، فاقدة لمرونتها، وحركيتها؛ ومن ثم فاقدة لريادتها القديمة للشعوب !. وإذا كانت كلمة السر في عودة حركية هذه الروح، أو انطلاقها من سكونها - تكمن في المبادرة نحو الذات، نحو الداخل أو العمق؛ لتحقيق انطلاقة جديدة لتلك الروح، فإن كلمة السر في كتابات المرأة – أيضاً – تكمن في عودتها إلى ذاتها، عبر الوعي بها، ثم محاولة استردادها بالبحث عنها واكتشافها؛ حينئذ فقط يتم رأب الانقسام القائم في هذه الذات، وكما يتم رأب قطوع الذات العربية بالعودة إلى الأصول الإيمانية والتراثية والتاريخية الأولى، يتم رأب قطوع هذه الذات الأنثوية بأن تؤوب إلى ذاتها وأهلها ومجتمعها بنبذ القطيعة مع الروابط الأولية، ثم الاندماج في الكل والمجتمع . لذا يتعين الإنصات الجيد لخوف المرأة، لصمتها، لهروبها من النص وفي النص، وقراءته من فراغات السطور، ومن باب الخروج أو الاختلاف ! لذا كان هذا الكتاب قراءة حاسمة لمنطقة الوعي في كتابات المرأة كمقدمة لقراءته في الواقع والمجتمع بصفة عامة،