السرديات القصصية العربية على الرغم من أهميتها الكبرى، لم تحظ بما تستحق من عناية نقدية. فهي - في رأيي فضلا عن تميزها الفني والإبداعي - من أهم الروافد الثقافية التي شكلت العقلية العربية. فالإقبال عليها من مختلف طبقات المجتمع الشعبية والنخبية على مدى عصور طويلة، جعل أبعادها المعرفية ومضامينها تتغلغل في البنية الفكرية، ومنها تنطلق الرؤى والتصورات للأشياء والعالم المحيط؛ لذا فدراستها تساعد في الاستبصار الذاتي للثقافة العربية. كما أن هذه السرديات بتعبيرها عن آمال الناس، وهمومهم وتطلعاتهم، وتصويرها حياتهم الاجتماعية وظروفهم المعيشية. عكست صورة المجتمع العربي بعاداته وتقاليده، وطرائق تفكير أفراده؛ مما جعلها من أكثر الفنون الأدبية التي وُظفت في التواصل الحضاري بين الشعوب. فالكثير من السرديات القديمة تُرجمت من العربية إلى اللغات الأجنبية، وساهمت في تشكيل صورة العالم العربي والشرقي في الأذهان الغربية. كما أن ما تمتاز به تلك السرديات من إبداع فني وقصصي، ترك آثاره في الآداب العالمية الحديثة؛ مما جعلها تسهم بشكل غير مباشر في التنظير السردي العالمي الحديث. هذه الأهمية للسرد العربي القديم جعلتني أتساءل: عن مدى اهتمام النقاد بالموروث السردي؟ وعن أبرز القضايا التي أثيرت حوله؟