تحتل الرواية في وقتنا الحاضر مكانة مهيمنة بين مختلف الأجناس الأدبية ،ولا تقتصر هذه المكانة على الثقافة العربية المعاصرة فحسب بل تشمل آداب العالم المختلفة’ ولعل السبب الذي يكمن وراء تلك الهيمنة هو ما تتمتع به الرواية من قدرة على الاستجابة لمختلف حاجات المجتمع وتطلعات أفراده والتعبير عنها بدقة كبيرة من خلال مواكبتها ما يطرأ على المجتمع من تغييرات عبر امكاناتها الفذة في التشكل والتطور بالتناغم مع تلك التطورات التي تطرأ على المجتمع وثقافته ،فضلا عن قابليتها للأخذ من مختلف الفنون الأخرى والإفادة منها . وقد انعكست هذه الأهمية التي تحظى بها الرواية على توجه الدراسات النقدية, فشهد الربع الأخير من القرن العشرين تطورا كبيرا في مجال الدراسات والبحوث التي تتناول الرواية . وتعددت منطلقات تلك الدراسات وأهدافها والموضوعات التي تبحث فيها والعناصر التي تركز عليها, وقد جاء معظمها انعكاسا لطبيعة تطور الرواية ومواكبة لذلك التطور في مراحله المختلفة. وقد أفرزت مسيرة نضج الرواية العربية وتطورها عددا كبيرا من الموضوعات التي تشكل حقلا خصبا للبحوث النقدية. وتوظيف الموروث الحكائي العربي واحد من أهم هذه الموضوعات التي أفرزتها الرواية العربية المعاصرة في مسيرة تطورها ويشكل جانبا من ابرز جوانب خصوصيتها ,وكان هذا هو الباعث الأساس وراء اهتمام الباحث بهذا الموضوع واشتغاله به بحثا ودراسة .