يرتدي تاريخ الفلسفة، من حيث هو تاريخ نظر العقل في العقل، أهمية استثنائية. فمع تمخّض المركزية الإثنية الأوروبية في القرن التاسع عشر بات تاريخ الفلسفة موضوعاً لصراع انتروبولوجي. فالحضارة الأوروبية قرأت نفسها حضارة عقلٍ مطلق واصطنعت على ضوء هذه القراءة النرجسية جغرافية فلسفية وهمية تمحورت على تغريب العقل "اليوناني" وإنكار قدرة العقل "السامي" على ممارسة الفعل الفلسفي
وقد حاولت الأيديولوجيا الاستشراقية أن تضيف إلى ترسانة المركزية الأوروبية حججاً جديدة من خلال تعميم تصوّر مفاده أن المسيحية كانت للفسلفة مهداً بقدر ما كان الإسلام لها قبراً
!فهل كانت المسيحية صديقةً فعلاً للفلسفة التي ما كان الإسلام لها إلا عدواً
هذا الكتاب عن مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام ليس تاريخياً محضاً. فهو لا يعيد طرح سؤال مواطنة الفلسفة ومنفاها في كلتا المدينتين المسيحية والإسلامية إلا ليحاول اقتراح جواب جديد عن إشكالية التقدم والتأخر على ضوء موقف الحضارتين من مسألة العقل