إن هذه الإيديولوجية، من حيث هي إيديولوجية «طائفية»، هي بالضرورة إيديولوجية «انعزالية»؛ بمعنى أنها، كإيديولوجية «طائفية»، تتضمن بالضرورة هذا الطابع من العداء لحركة التحرر العربية، أو قل بتعبير آخر، إن منطق الفكر «الطائفي» لا يمكن إلا أن يكون منطقاً «انعزالياً»، وهذا ما لا ينتبه إليه من ينزلق إلى مواقع «طائفية» في مجابهته منطق الفكر «الانعزالي». فكل نقد لهذا الفكر مستحيل إذا انطلق من مواقع «طائفية». أما لماذا هذا التلازم الضروري بين الفكر «الطائفي» والفكر «الانعزالي» )وهذا الفكر في الحالتين واحد، من حيث هو هو الفكر البرجوازي( فهذا ما نجد الجواب عنه في تعريف هذا الفكر ل«الطوائف».
لم يكن اغتيال مهدي عامل ضربة حظ، أو صدفة ألقت بالرجل إلى قائمة الاغتيال، بل كان اغتياله عمداً يستهدف قطع طريق المشروع الفكري النقضي للأيديولوجية الطائفية التي فضحها كشكل لسيطرة البرجوازية و إعادة تجديد هيمنتها على المجتمع اللبناني.
ولئن كان الحزب الشيوعي اللبناني يقاتل ضد الطائفية بالميدان السياسي والعسكري، فإن الشهيد مهدي عامل كان يخوض معركة أطول نفساً، إنها معركة دك معبد الطائفية التي لازال أمراء حربها يقولون بأنها طبيعة لبنانية لا تتبدل، فوق الزمان والمكان وخارج حركة التاريخ، ضد هذا بنى مهدي عامل مشروعه في "مدخل إلى نقض الفكر الطائفي" الذي نراه فيه يفضح من مواقع ماركسية صلبة كل الدعايات التي تم ترديدها ولازالت لتأبيد الطائفية وتحصينها