قلّة هم الأشخاص الذين تعكس حياتهم أحداث زمانهم كما هي الحال مع عبد الباري عطوان. فهذا الفلسطيني الذي ولد في مخيّم للاجئين في غزّة عام 1950، غادره في السابعة عشرة من عمره ليغدو منذ ذلك الحين واحداً من أهم الكتاب والخبراء والمعلّقين في قضايا الشرق الأوسط.
في سيرته هذه يسرد المؤلّف تفاصيل رحلته الاستثنائية بشيء من روح الدعابة وكثير من الصدق. يصوّر عطوان فظاعة المجازر المرعبة التي ارتكبت في المخيّمات، والنتائج غير المتوقّعة للتدخّل البريطاني في المنطقة.
بعد شظف العيش والمعاناة ومحنة التشريد، وابتداء تغريبته الفلسطينية مع الكلمة والجغرافيا، من فلسطين إلى الأردن ومصر وليبيا والسعودية وانتهاءً ببريطانيا، يتحدّث المؤلف عن الصدمة الثقافية التي رافقت انتقاله الى لندن في سبعينيات القرن الماضي، كما يحكي قصة اصطحابه لابنه وابنته المولودين في بريطانيا للتعرّف إلى عائلته التي ما تزال تعيش في مخيّم بائس في قطاع غزة.
كذلك يروي عطوان تفاصيل لقاءاته الاستثنائية مع شخصيات عالمية، بما في ذلك تناوله الشاي مع مارغريث ثاتشر، وعطلة نهاية الأسبوع التي قضاها في كهف أسامة بن لادن، وحواراته المعمّقة مع ياسر عرفات، فضلاً عن الشجار الذي نشب بين العقيد معمر القذافي وشاه إيران والذي شكّل خلفية سبقه الصحافي الأول، ولقائه المثير مع رفيق الحريري، ورسالة جمال عبد الناصر المفاجئة إليه التي كانت البذرة التي أسّست لرغبته بالكتابة والعمل في الصحافة.
عبد الباري عطوان كاتب ورئيس تحرير جريدة "القدس العربي" في لندن. صدر له عن الساقي - لندن The Secret History of al-Qa’ida وصدرت ترجمته العربية في بيروت تحت عنوان "القاعدة التنظيم السرّي".